مدونة أجندة للإنتاج الفني

من الفكرة إلى التنفيذ …كيف تصنع فيلم وثائقي إبداعي؟

post8

بالأمس كنت في حالة مزاجية سيئة، أدارت التلفاز بلا هدف، وجدتهم يعرضوا فيلم وثائقي بعنوان”لغة العصافير” من سلسلة عوالم محتملة، يمكن أن نطلق على الفيلم أيضاً لغة الصفير، يتحدث الفيلم عن قريتين “كوتشكوي” و ” ألاغميرا” يتواصل أهل القريتين عبر الصفير

وثائقي آخر كان يتتبع التقاليد الدينية لدى بعض الشعوب، في أمريكا وحسب عقيدة المايا تقريبا يقوم أتباع الديانة بعمل مهرجان الرجل المحترق يتم بناء معبد و طاحونة وفي نهاية المهرجان يتم إحراق كل شيء بهدف التطهر، نعم إنها أفلام شيقة وممتعة ومبدعة للغاية، تأخذك في رحلة لعوالم لم تكن تعرف بوجودها، مما سبق يتضح لنا أن الأفلام الوثائقية يمكن أن تكون ممتعة في أوقات الضجر، ليست كلها تعليمية فقط ولكن إبداعية أيضا، هذا يقودنا للتساؤل ماذا يعني وصفنا لفيلم وثائقي بأنه مبدع؟!

تقول نوى مندل رئيسة المعهد الأسكتلندي للأفلام في تعريفها للفيلم الوثائقي الإبداعي :

معظمنا لديه قصص يحملها في رأسه، ولكننا نتأثر كثيراً بالتلفزيون، فيما يتعلق بكيفية عرض القصة على الشاشة، كثيراً  نعتقد أن المعلومات والوقائع هي الجزء الأكثر أهمية في القصة، لكن في الحقيقة ما نتذكره من القصص الإنسانية هي المشاعر

الفرق بين الوثائقي الإبداعي والصحفي :

من الضروري التفكير في الفرق بين ما هو تقرير، وهو برنامج واقعي ومادة إخبارية، والفيلم الوثائقي، الوثائقي هو ما يسمح لك بالغوص في الأعماق الوضع البشري والقصة الإنسانية

كيف نصنع فيلم وثائقي إبداعي :

 لا توجد خريطة ذات توجيهات واضحة لعمل فيلم وثائقي إبداعي ، لكن يمكننا وصف بعض الظروف التي تقودنا لعمل فيلم وثائقي إبداعي

أنت بحاجة إلى المعرفة والوعي بالتقاليد المختلفة في تاريخ صناعة الأفلام الوثائقية،يميل العمل الإبداعي إلى استعارة وخلط التقنيات الفنية المختلفة، توصف –

هذه العملية بالتهجين

لكي تكون صانع أفلام مبدعًا ، من المفيد أن تكون مستهلكًا متعطشًا للأفلام والوسائط المختلفة –

خذ وقتك في هضم الأفكار، وقت التوقف ضروري في الإنتاج الإبداعي –

حاول التعاون مع التخصصات الأخرى ؛  يمكن أن تساهم المهارات المختلفة في العملية الإبداعية –

كن عضوا في مجتمع محترف، تقدم المجتمعات الإبداعية الأفكار والاتصالات و كيفية الوصول إلى المذيعين والممولين والمهرجانات –

  افهم الغرض من الفيلم ولمن صنع ولماذا –

خذ الأفكار إلى أبعد من ذلك ، وابحث عن زوايا جديدة ولا تقلد الآخرين –

قبل كل شيء ، تخلى عن فكرة أنه يمكنك إنشاء تحفة فنية وأنت في عزلة عن المجتمع –

يمر الفيلم الوثائقي بفترة تغيير هائل في الطريقة التي يمكنه بها سرد القصص ، لذا جرب وتجرأ على ارتكاب الأخطاء أو اقضي ساعات في غرف –

التحرير من أجل صناعة فيلم رائع

خطوات صناعة الأفلام الوثائقية الإبداعية :

إيجاد قصة محددة :

لدينا أفكار لا تحصى في أدمغتنا، لكن علينا التفكير بشكل واضح في القصة التي ستحمل ذلك الموضوع العام

المشاعر :

علينا التوجه إلى جوهر أي قصة، لذلك علينا التفكير في نوع المشاعر الذي نود إيصاله للجمهور، المشاعر هي الشئ الوحيد الذي سيبقى معنا، أكثر بكثير من الحقائق، المشاعر هي الشئ الذي يتيح لك إدراك أعماق الوضع البشري، ومن هنا يمكننا ربط جميع الموضوعات والمسائل الكبرى التي نرغب في طرحها على الجمهور

اللغة الشعرية :

علينا إيصال أفكارنا عبر لغة شعرية، ليست وظيفة الشعر طرح الكلمات فقط بل أيضا الصور، إلا أن هناك الكثير يمكن تعلمه من قصيدة، كيفية إيصالها وتجريدها للأفكار، كيفية نقلها للمشاعر غير المرئية، لكي تبقى هذه المشاعر مع الجمهور، جعل الناس يشعرون هي الطريقة الأفضل لجعل الناس يتذكرون القصة، لجعلهم يتعرفون إلى واقع جديد وهو واقع المخرج.

التكثيف :

إن طرح قصه ذات مشاعر، يعني الغوص في أعماق الموضوع الذي نحاول العمل عليه، مثلا بيكاسو عندما أخذ يرسم الثور، بدأ برسم الثور كما يبدو في الواقع، وبعد ذلك خطوة بخطوة و رسمة رسمة انتهى إلى 4 خطوط، يظهر فيها قرن الثور وظهره لإبراز قوامه الأساسي، هذا ما نحاول القيام به في الوثائقي الإبداعي، أن نتخلص ببطء شديد من كل المقاربات الواقعية للواقع لنصل مباشرة إلى الجوهر

الشخصية :

الشخصية ضرورية لإطفاء الحركة على الفيلم

لكن ما الذي يجعل الشخصية جيدة؟

يعتمد الامر علي الموضوع الذي يدور حوله فيلم، لكن بطريقه ما عليك التأكد من قدره شخصيتك علي إيصال ما تريد الى جمهورك المستهدف، عليك التأكد من أن القصة تتطور بما يكفي، ليس بالضرورة أن يكون التطور بشكل مثير، بل يمكنه أن يكون مجرد رحلة في المشاعر.

السرد :

 جودة الفيلم الوثائقي من جودة القصة التي يحكيها، كلنا استمعنا الى قصص عندما كنا صغار، وكلنا تعلمنا كيف نحكي قصة، معظم القصص تنطوي على مبدأ الصراع الذي يجب حسمه

الصراع الداخلي :

جميعنا اليوم نشاهد أفلاماً ونتأثر بأشكال الصراع الذي تسعى إليه، يمكننا القيام بما هو أفضل في الوثائقي، يمكننا مواصلة العمل على الصراعات ولكن ليس بالضرورة أن يكون ذلك النوع المدوي من الصراعات المثيرة، علينا أن ننظر في الصراعات الداخلية بشكل رئيسي، تناقضات البشر هي ما يصنع التشويق، طريقه مواجهتهم للمأزق، ثم توقفهم وتفكيرهم لبعض الوقت في الحل، هذا هو أجمل صراع يمكن مشاهدته في الوثائقي

مستويات السرد :

من الضروري التفكير في مختلف طبقات القصة، معنى ذلك أن شخصيتك ستمر بلحظات مختلفة خلال حياتها، لكن ربما عليك التفكير أيضاً في سياق تلك الشخصية، كيف يتطور السياق بدوره، سيساعدك ذلك في التحرير وبناء قصتك لاحقا، لتتمكن من نسج خيوط مختلف اللحظات والقضايا فقصتك لا تدور حول شخص واحد، وهي ليست قصة خطية، بل لديك لحظات مختلفة و أوجه مختلفة ، بحيث يتمكن الجمهور من النظر إلى تلك الطبقات المختلفة، وبالتالي يفهم سير الاحداث بشكل أعمق، عليك التأكد من أن قصتك ستبقى بشكل او بآخر مع جمهورك لفتره اطول بكثير من المعلومات والوقائع

أن تجد صوتك الخاص :

من أصعب الامور على المخرج الشاب هي العثور على الصوت الإخراجي، من السهل ان يتشتت انتباهنا بسبب كثره المخرجين الرائعين من حولنا والذين قاموا بما نقوم به بشكل أفضل، في حين أن كل ما علينا القيام به هو الاستماع له والعثور عليه، “هذه طريقتي في النظر إلى العالم” وسأعثر على الوسيلة الجمالية لكي أترجم ذلك

الدافع و الالتزام :

الدافع الذي يحرك المخرج مهم جداً، لكي تبقى القصة مع المشاهد لفترة طويلة، انخراطك مع شخصيتك سيتطلب منك الكثير من المشاعر، والكثير من الأخلاقيات

البحث :

إذا أحببت فيلما ما ستجد طريقة في البحث عن المزيد عنه، لذلك من الضروري أن تذهب بعيداً عن الكلام الانطباعي ، وظيفتك كمخرج هي أن تذهب أبعد من هذا، أن تسأل نفسك فعلا

ما قصة هذا الشخص؟!

جميعنا نحمل أسرار في داخلنا، لذا عليك كمخرج أن تذهب وتميط عنها اللثام، أنت المحقق، وهذا هو البحث الذي عليك القيام به، أن تكتشف أبعد و أعمق مما تعرف

استباق الأحداث :

حين نعمل على شخصياتنا من الضروري للغاية أن نعرف كل شئ عنهم، ولكن لجعل قصصهم تتطور ، علينا أن نستقرئ ما سيحدث لهم في المستقبل، بالتأكيد نحن لسنا عرافيين، لكن بشكل او بأخر علينا خلق إحساس بما سيجري لاحقا، لكي نتمكن من توقع الفراغ الذي يجب ملؤه، كلما زادت توقعاتك زادت عدد المشاهد واللحظات المتولدة في رأسك، وحين تتوالى المشاهد في مخيلتك، ستتمكن من رؤية العالم بطريقة مختلفة، ومن تصوير هذه الرؤية والعثور على الصور اللازمة لترجمة ذلك العالم المتخيل، والذي نسجته توقعاتك حول الشخصية

مصادر المقال :

Wilma de jong

شاركنا على :
شاركنا على :
تصنيف المقالة : أفلام وثائقية
المشاهدة : 692
تصنيف المقالة : أفلام وثائقية
المشاهدة : 692
المقالة السابقة
من الألف إلى الياء ٨ خطوات لإنتاج الأفلام الوثائقية
المقالة التالية
المدارس الفنية في إنتاج وعمل الأفلام الوثائقية
قد يعجبك أيضا
تابعونا
YouTube
Instagram
مقالات مماثلة
الأكثر قراءة